يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
40912 مشاهدة
فصل: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة

بعد ذلك يقول: وأن خير القرون القرن الذين رأوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. هاهنا ذكر ما يتعلق بالصحابة، لماذا؟ لما أن الرافضة نشئوا في آخر القرن الأول، أو وسطه وغَلَوْا في علي -رضي الله عنه- كانوا يسمعون بعض أمراء بني أمية كالحجاج يلعنون عليا على المنابر فيحزنهم ذلك؛ لأنهم كانوا يحبونه؛ لأنه علَّم كثيرًا منهم، فيسمعون لعنه وشتمه.
فقالوا: لا بد أن نذكر فضائله ولو كذبًا! فصاروا يذكرون فضائل له مكذوبة ليست ثابتة؛ فعند ذلك يسمعهم تلاميذهم يقولون: إذا كانت هذه فضائله؛ يعني فيها مبالغة، فكيف مع ذلك قُدِّمَ عليه أبو بكر وعمر وعثمان في الخلافة؟ فقالوا: لا بد أن نكذب ونقول: إنهم مغتصبون! وأن الصحابة الباقين خائنون؛ حيث إنهم كتموا وصية النبي-صلى الله عليه وسلم-؛ وإلا فإن عليا هو الوصي، وهو الإمام، فَعَلَى هذا لا بد أننا نكذب ونَسُبُّ أبا بكر وعمر وعثمان والصحابة جميعا؛ لأنهم ظلموا عليا ولأنهم أخذوا حقه، ولأنهم استولوا عليه دون أن يكون لهم حقٌّ في الخلافة!! ظلموه.
فعند ذلك أخذوا يكذبون أحاديث شنيعة يذكرونها في مسبة أبي بكر وعمر ويحملون على ذلك كثيرًا من الآيات.
فمن ذلك قولهم: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ أبو بكر وعمر ؛ يدا أبي لهب أبو بكر وعمر ومن ذلك قولهم: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ الجبت والطاغوت: أبو بكر وعمر وهكذا لعنهم الله، ثم إنهم يَلْعَنُون أبا بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة لَعْنًا شنيعًا ويسبونهم.
فلما كان كذلك كان أهل السنة لا بد أنهم يذكرون فضائل أبي بكر وعمر ويذكرون فضائل الصحابة ردًّا عليهم؛ لما أنهم نشئوا وجاءوا بهذه المقالات الشنيعة.